الأربعاء، 17 أكتوبر 2012



: أهمية حقوق الإنسان في الإسلام ومصادره
مدخل:
الإنسان هو مناط تكليف الله تعالى المعني بخطابه من بين مخلوقاته في أرضه، ذلك لأن الله سبحانه اختاره من بينها ليكون خليفة في الأرض، قال تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون) (البقرة: ٣٠) وقال سبحانه ( وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعضٍ درجاتٍ ليبلوكم فيما آتاكم) (الأنعام: ١٦٥).
-      أهمية حقوق الإنسان في الإسلام:
 إن حقوق الإنسان تأخذ امتدادها وشمولها في الإسلام من قاعدة الإيمان والتوحيد , كما يبينها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه لمعاذ: " يا معاذ بن جبل هل تدري ما حق الله على عباده وما حق عباده على الله ؟ فان حق الله على العباد إن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا , وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا".  لهذا انطلق الفقهاء أولا من حقوق الله , ليفصلوا عليها جميع "الحقوق" المعترف بها للأفراد , وبما إن البشر مدعوون إلى طاعة " حقوق الله " , فإنهم ملزمون باحترام الشروط الاجتماعية والسياسية التي تسمح بقيام هذه الطاعة بحيث صار ينظر إلى حقوق الإنسان كمظهر وشرط أولي لاحترام حقوق الله. ويتحدث الإمام الغزالي بهذا المعنى : " نظام الدين بالمعرفة والعبادة لا يتوصل إليهما إلا بصحة البدن , وبقاء الحياة وسلامة الحاجات من الكسوة والمسكن والأقوات والأمن ... فمن كان جميع أوقاته مستغرقا بحراسة نفسه من سيوف الظلمة , وطلب قوته من جور الغلبة , متى يتفرغ للعلم والعمل وهما وسيلتان إلى سعادة الآخرة . فإذا فان نظام الدنيا, اعني مقادير الحاجة شرط لنظام الدين" إن الغزالي ينظر إلى حقوق الإنسان كوسيلة لقيام الدين([1]).
الإسلام يقرّ بأن من العدل تأتي الحقوق، وتضمن سائر المقررات والحريات المشرعة لبني الإنسان، وإذا ما اغتصبت حقوق الإنسان الطبيعية وصودرت حرياته، فإن ذلك يعني تفشي الظلم والطغيان، وما يترتب على ذلك، من اضطهاد ومعاناة لأبناء الشعوب والأمم، سواء من المسلمين أو غيرهم، وكل ذلك يعني الإخلال بالسلوك والنظام الإنساني وتغييب العدل.
إن جميع الحقوق تستقى من حرية الإنسان، وتصبح مضمونة بتنفيذ الواجبات والتكاليف في الاجتماع والسياسة، والمجتمع السليم والسعيد هو الذي تكون فيه الحريات والحقوق مكفولة.
ومما سبق يمكن أن ألخص أهمية حقوق الإنسان في الإسلام ودراستها بما يلي:
1-  أن الإسلام وشرائعه أول من أقر بحقوق الإسلام وتطبيقها، قبل أن تنشأ تلك الحضارات وتقام تلك المؤتمرات.
2-  الإنسان في الإسلام عزيز مصان حفظت كرامته، لذا أظهر له حقوقه وأمره بالحفاظ عليها والدفاع عنها.
3-  حث الإسلام على تعلم وتعليم حقوق الإنسان وذلك في كثير من الآيات والأحاديث النبوية الدالة على الحقوق بين الناس والحاثة على أدائها.
4-  حفظ الإسلام ضروريات الحياة للإنسان فحفظ له ماله وعقله وبدنه وعرضه.
-      مصادر حقوق الإنسان في الإسلام:
إن مصدر حقوق الإنسان وكل ما يؤمن به المسلمون هو الشريعة الإسلامية، وذلك لأن الشريعة الإسلامية بحكم كونها تشريعًا سماويًّا فإنها تنظر إلى الحقوق نظرة دينية أساسها أن الإنسان باعتباره عبدًا مخلوقًَا لله جل شأنه ، فإنه لا يملك حقًّا من الحقوق ، ولكن شاءت إرادة الله أن يمنحه بعض الحقوق نعمة منه وفضلًا لتكريمه ، وعلى هذا فالحق في الشريعة الإسلامية هو منحة يمنحها الخالق - جل وعلا - للأفراد ، وفق ما يقضي به صالح الجماعة ، ومن ثم فقد قيدت الشريعة الإسلامية استعمال الأفراد لحقوقهم بمراعاة مصلحة الغير ، وعدم الإضرار بالجماعة ، فليس للفرد مطلق الحرية في استعمال حقه، بحيث لا يحد من سلطاته شيء، بل هو مقيد في ذلك بمصلحة الجماعة ، وعدم الإضرار بالغير([2]) .
   وتستمد حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية من أربعة مصادر([3]):

 أولا: القرآن الكريم: وهو الأصل الذي تتفرع منه كل المصادر .
ثانيا: السنة النبوية: وهى في جملتها تابعة للقرآن الكريم تفصل ما أجمله.
ثالثا: الإجماع: وقد اعترف القرآن والسنة بالإجماع كأصل ثالث من أصول الشريعة.
رابعا :الاجتهاد: ويقصد به الرأي الذي يصدر عن علماء الشريعة في كل زمان ومكان.
هذا والله أعلم وأتمنى أن أكون قد وفقت فيما طرحت


([1])  أحمد الرشيدي : حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والتشريعات الوضعية،الرياض، دار الأندلس، 1421هـ، ص 38.
([2])  أحمد محمد مفتي ،سامي صالح الوكيل: النظرية السياسية الإسلامية في حقوق الإنسان الشرعية دراسة مقارنة ،قطر، رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية، 1410هـ، ص 59.
([3])  محمد البشري : حقوق الإنسان أمام القضاء ،مجلة كلية الشريعة والقانون، جامعة الأزهر، العدد الثالث، 1981م، ص 42.